إسحاق نيوتن (25 ديسمبر 1642 - 1727)
عالم إنجليزي، أشهر عالم فيزيائي، وفيلسوف ومن أعظم علماء القرن الثامن عشر في الرياضيات و الفيزياء.
ولد نيوتن بعد بضعة اشهر من موت والده في الخامس والعشرين كانون الأول الموافق لميلاد السيد المسيح حيث قيل ولد مخلص العلم و مخلص البشرية . وكانت عائلته تنتمي الى طبقة الملاّك الزراعيين الصغار. ويبدو ان ولد عليلا ولكنه استطاع البقاء على قيد الحياة، ولم تكن طفولته سعيدة حيث تزوجت امه بعد ثلاثة أعوام من ولادته، وعندئذ اودعته عند جدته وعمه حيث عاش فترة صباه وشبابه الاول ويبدو انه تأثر عاطفيا بهذه الحالة، وكان يشعر بالحقد على امه وعلى زوج امه الذي اخذ امه منه وحرمه عطفها وحنانها.. وربما لهذا السبب لم يتزوج ابدا على الرغم من انه عرف الكثير من النساء.
لكن امه عادت الى البيت العائلي وبالتالي اليه عام 1653 بعد موت زوجها وكان عمر اسحاق آنئذ احد عشر عاما. وهكذا اتيح له ان يتعرف عليها من جديد ثم ارادت ان تجعل منه مزارعا ولكنه رفض ذلك.
لم يظهر عليه في المراحل الأولى من تعليمه إي نبوغ بل على العكس كان يوصف بأنه كسول كما انه كان غير مهتم بدروسه وكان كثير الشرود والتأمل والانعزال عن أقرانه وكان يتمتع بمزاج عصبي لكن كانت له مهارة بحركة يديه واعتقدت أمه أنه سيصبح بحارا أو نجارا أو فلاحا ولذا أخرجته أمه من المدرسة لكي يشرف على إدارة ممتلكاتها ولكنه سرعان ما أثبت فشله في ذلك المضمار واجتمعت العائلة لترى مخرجا مناسبا من ورطتها مع هذا الصبي الكسول.
في ظل تلك الظروف لم يكن من خيار سوى عودة الفتى إلى المدرسة وبعدها بدأ نهمه للقراءة يظهر ورأى خاله أن من الأفضل له أن يتهيأ للالتحاق بالجامعة وبالفعل التحق بجامعة كامبردج التي طالما خرجت العباقرة في عام 1661 وكان عمره حينئذ أكبر من أعمار زملائه في الدراسة وهناك تعلم البلاغة الكلاسيكية، ومنطق ارسطو، وتأثر بأفكار فلاسفة كمبردج وكانوا في معظمهم من اتباع الفلسفة الافلاطونية الجديدة.
لكن وباء الطاعون ادى الى اغلاق الجامعة وعندئذ عاد اسحاق الى قريته الريفية لكي يتأمل ويفكر في وسط الطبيعة الخلابة للريف الانجليزي.
في عام 1667 انتخب نيوتن عضوا في الهيئة التدريسية لكلية كمبردج، وعين استاذا جامعيا عام 1669 وعمره لا يتجاوز السادسة والعشرين. وفي عام 1672 اصبح عضوا في الجمعية الملكية البريطانية. وهو منصب علمي عالي المستوى وتشريف كبير لصاحبه.
وقد ظل نيوتن يدرس في جامعة كمبردج لمدة ثلاثين سنة دون ان يخرج عالما واحدا جديرا به وأحيانا كان يدخل الى الصف فلا يجد تلميذا واحدا لكي يستمع اليه وعندئذ كان يشعر بالسعادة وينصرف.
وراح نيوتن يتبادل الرسائل العلمية مع كبار علماء عصره سواء داخل بريطانيا او خارجها، وقد انتخبته اكاديمية العلوم في باريس كعضو اجنبي فيها عام 1699 ثم اصبح رئيسا للجمعية الملكية البريطانية في عام 1703 وحتى وفاته. وبلغ عندئذ ذروة المجد والشهرة بل ان ملكة بريطانيا منحته لقب النبلاء عام 1705.
في الواقع ان اكتشافاته العلمية لمعت في رأسه لاول مرة خلال السنتين المتتاليتين: 1665 ـ 1666 ومعلوم انه كان آنذاك معتكفا في الريف خوفا من وباء الطاعون، وكان يعيش وحدة شبه كاملة، ويكرس كل وقته للتأمل في ظواهر الطبيعة وقوانينها. عندئذ حصلت القصة الشهيرة التي تحولت الى اسطورة بعدئذ. وهي التي ادت الى اكتشاف قانون الجاذبية.
فيقال انه كان غارقا في التأمل يوما ما وهو نائم تحت شجرة تفاح. وفجأة سقطت تفاحة الى جانبه فعرف عندئذ ان السقوط ناتج عن قانون الجاذبية الذي يشد الاشياء الى اسفل.
يرى بعض العلماء ان كتاب نيوتن "المباديء الرياضية للفلسفة الطبيعية" هو اهم كتاب ظهر في تاريخ العلم حتى الآن ففيه يبلور قوانين الطبيعة والكون بشكل علمي وعلى هيئة معادلات رياضية دقيقة.
كان نيوتن من الناحية النفسية ذا طبع قلق وشكاك. كان يشك في اي شيء ويشتبه في اي شخص. ولم يكن يعطي ثقته للآخرين بسهولة. يضاف الى ذلك ان خجله كان يدفعه احيانا الى الانفجار بالغضب الشديد دون سبب او دون مبرر كان الرجل متواضعا جدا ولا يحب العلاقات العامة والاضواء.
لم يمرض نيوتن في حياته ابدا. وكان يفكر على الدوام .. وكانت عبقريته من الضخامة بحيث انه لم يكن يستطيع التواصل مع الناس العاديين. وقد خلف وراءه ثروة طائلة ورثها اخوته لانه لم يكن له اي ولد.
نظرا لانشغاله بأبحاثه العلمية نسي ان يأكل وينام بشكل جيد لمدة سنتين متتاليتين وعندئذ سقط صريع المرض ثم حدث حريق في بيته عام 1692 دمر اوراقه ودفاتره وعندئذ ضاع عقله وأصيب بالجنون لمدة سنة ونصف وعندما استفاق من المرض عام 1693 راح يستعيد أبحاثه العلمية من جديد ولكن عبقريته كانت قد ضعفت ولم يحقق اي اكتشاف بعدئذ وقد أمضى بعض الوقت خلال العقدين التاليين يجمع أدلة وقرائن عن نظريته في الضوء التي نشرت قبل أن تظهر بالعنوان المشهور البصريات عام 1704 بعقدين.
لم يتزوج نيوتن قط ولم يكن له أطفال مسجّلون. توفى عام 1727 عن عمر ناهز الخامسة والثمانين، وقد خرجت انجلترا كلها لتشييعه في موكب مهيب لا يحدث إلا للملوك.
و إنَّ العالم بأسره ايعتبره اليوم أعظم فلاسفة الطبيعة على الإطلاق و إليه يعود الفضل في اكتشاف الحساب اللامتناهي الصغر و في وضع نواميس الجاذبية في الكون و في اختراع المرقب العاكس و اكتشاف العلاقة بين الألوان و تشتت النور .
و لقد أُقيم له عام 1750 تمثال كامل في كلية الاقانيم الثلاثة في كمبريدج يُذكِّر طلاب العلم بخلود من كانت له اليد الطولى في اقرار النظام الشمسي على أسس علمية لا تزول .
و في الغرفة المتواضعة التي أبصرت فيها عيناه النور لوحة رخامية حُفِرَ عليها للذكرى بيتان من شعر ( بوب ) الخالد فيه هما :
( كانت الطبيعة و نواميسها مدسوسة في الظلمة الحالكة عندما قال الله : ليكن نيوتن ! و كان النور !