موقع الاستاذ فوزي أحمد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ثقافي - تعليمي - اجتماعي


    دمشق صبراً على البلوى

    avatar
    sandy


    عدد المساهمات : 35
    تاريخ التسجيل : 01/10/2010

    دمشق صبراً على البلوى Empty دمشق صبراً على البلوى

    مُساهمة  sandy الأربعاء أبريل 20, 2011 9:14 am

    الشاعر محمد مهدي الجواهري

    شممت تربك لا زلفى ولا ملقا *** وسرت قصدك لاخبّاً ولامذقا

    وما وجدت إلى لقياك منعطفا *** إلا إليك .. ولا ألفيت مفترقا

    كنت الطريق إلى هاوٍ تنازعه *** نفس تسدّ عليه دونها الطرقا

    وكان قلبي إلى رؤياك باصرتي *** حتى اتهمت عليك العين والحدقا

    شممت تربك أستاف الصبا مرحا *** والشمل مؤتلفاً * والعقد مؤتلقا

    وسرت قصدك لا كالمشتهي بلدا *** لكن كمن يتشهّى وجه من عشقا

    قالوا دمشق وبغداد فقلت هما *** فجر على الغد من أمسيهما انبثقـا

    ما تعجبون ؟ أمن مهدين قد جمعا *** أم توأمين على عهديهما اتفقا؟

    أم صامدين يرُبّان المصير معا *** حبّاً ويقتسمان الأمن والفرقا

    يهدهدان لساناً واحداً ودماً *** صنواً ومعتقداً حراً ومنطلقا

    أقسمت بالأمة استوصى بها قدر *** خيراً ولاءم منها الخَلق والخُلقا

    من قال أن ليس من معنى للفظتها *** بلا دمشق وبغداد فقد صدقا

    فلا راعى الله يوماً دسّ بينهما *** وقيعة ورعى يوميهما ووقا

    يا جلق الشام والأعوام تجمع لي *** سبعاً وسبعين ما التأما ولا افترقا

    ما كان لي منهما يومان عشتهما *** إلا وبالسؤدد من كأسيهما شرقا

    يعاودان نفاراً كلما اصطحبا *** وينسيان هوى كانا قد اغتبقا

    ورحت أطفو على موجيهما قلقا *** أكاد أحسد مرءاً فيهما غرقا

    ياللشباب يغار الحلم من شر *** به وتحسد فيه الحنكة النزقا

    وللبساطة ما أغلى كنائزها *** قارون ينفق فيها التبر والورِقا

    تلم كأسي ومن أهوى وخافقتي *** وما تجيش وبيت الشعر والورَقا

    أيام نعكف بالحسنى على سمر *** نساقط اللغو فيه كيفما اتفقا

    إذ مسكة الربوات الخضر توسعنا *** بما تفتق من أنسامها عبقا

    إذ تسقط الهامةُ الإصباح يرقصنا *** وقاسيون علينا ينشر الشفقا

    نرعى الأصيل لداجي الليل يسلمنا *** ومن كوى خفرات نرقب الغسقا

    ومن كوى خفرات تستجد رؤى *** نشوانة عن رؤى مملولة نسقا

    آه على الحلو في مر نغصّ به *** تفطرا عسلاً في السم واصطفقا

    يا جلق الشام إنا خلقة عجب *** لم يدر ما سرها إلا الذي خلقا

    معذبون وجنات النعيم بنا *** وعاطشون ونمري الجونة الغدقا

    إنا لنخنق في الأضلاع غربتنا *** وإن تنزّلت على أحداقنا حرقا

    وزاحفون بأجسام نوابضها *** تستام ذروة عليين مرتفقا

    نغني الحياة ونستغني كأن لنا *** رأد الضحى غلة والصبح والفلقا

    يا جلق الشام كم من مطمح خلس *** للمرء في غفلة من دهره سرقا

    وآخر سلّ من أنياب ذي لبد *** وآخرٍ تحت أقدام له سحقا

    دامٍ صراع أخي شجوٍ وما خلقا *** من الهموم تعنّيه وما اختلقا

    يسعى إلى مطمح حانت ولادته *** في حين يحمل شلواً مطمحاً شنقا

    حران حيران أقوى في مصامدة *** على السكوت وخير منه إن نطقا

    كذاك كل الذين استودعوا مثلاً *** كذاك كل الذين استرهنوا غلقا

    كذاك كان وما ينفك ذو كلف *** بمن تعبد في الدنيا أو انعتقا

    دمشق عشتك ريعاناً وخافقة *** ولمّة والعيون السود والأرقا

    وها أنا ويدي جلدٌ وسالفتي *** ثلج ووجهي عظم كاد أوعرقا

    وأنت لم تبرحي في النفس عالقة *** دمي ولحمي والأنفاس والرمقا

    تموّجين ظلال الذكريات هوى *** وتسعدين الأسى والهمّ والقلقا

    فخراً دمشق تقاسمنا مراهقة *** واليوم نقتسم الآلام والرهقا

    على المدى والعروق الطهر يرفدنا *** نسغ الحياة بديلاً عن دم هرقا

    دمشق صبراً على البلوى فكم صهرت *** سبائك الذهب الغالي فما احترقا

    وعند أعوادك الخضراء بهجتها *** كالسنديانة مهما تساقطت ورقا

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 13, 2024 4:44 am